الشعب المصري طويلاً للخلاص من كابوس "الإخوان" الذين حولوا شوارع القاهرة مربعات أمنية وأقاموا المتاريس وخزنوا الأسلحة, نفذت السلطات, أمس, تهديداتها بفرض القانون, وفضت اعتصامي الإسلاميين في منطقة رابعة العدوية وميدان النهضة, إلا أن أنصار الرئيس المخلوع محمد مرسي ردوا بأعمال إرهابية واعتداءات على المنشآت والمرافق العامة والكنائس في مختلف المحافظات, وحولوا الشوارع ساحات حرب بينهم وبين الشرطة والأهالي ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا, واستدعى إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجول في 14 محافظة. (راجع ص 24 و25 و26)
وبعد سلسلة من التحذيرات التي ترافقت مع جهود دولية على مدى أسابيع لم يستجب لها "الإخوان", تدخلت قوات الأمن, فجر أمس, لفض اعتصامي أنصار مرسي في منطقتي رابعة العدوية في شرق القاهرة والنهضة جنوب العاصمة, لكنها ووجهت بالرصاص الحي ما أدى إلى سقوط ضحايا من الجانبين.
وبمساعدة الأهالي في منطقتي الاعتصامين, اعتقلت قوات الأمن نحو 543 مسلحاً إضافة إلى ستة قناصة على الأقل كانوا على سطح عقار مجاور لمسجد رابعة العدوية, وأطلقوا النيران على عناصرها على مدى أربع ساعات, ما أدى إلى استشهاد أربعة ضباط ومجند من قوات الأمن المركزي وإصابة آخرين.
ورداً على فض اعتصاميهم, دفع "الإخوان" بأنصارهم ومسلحيهم وميليشياتهم إلى الشوارع في مختلف المحافظات, لمهاجمة المنشآت الحيوية ومراكز الأمن والمرافق العامة والمؤسسات الخاصة, كما أقدموا على إحراق أربع كنائس على الأقل في شمال سيناء والمنيا وسوهاج, فضلاً عن إحراق عدد من المباني الحكومية وسيارات الشرطة.
ودارت مواجهات عنيفة بين "الإخوان" وبين الأهالي والشرطة في مدن ومناطق عدة, أبرزها القاهرة التي تحولت شوارعها ساحات حرب, وحلوان حيث هرب أنصار مرسي عدداً من السجناء, والاسماعيلية حيث قتل 15 شخصاً, والاسكندرية حيث قتل 10 أشخاص على الأقل, والفيوم حيث سقط 35 قتيلاً ونحو 200 جريح, والسويس حيث قتل خمسة على الأقل, والبحيرة حيث سقط قتيل و37 جريحاً بينهم 30 من الشرطة, والمنيا حيث قتل ثلاثة ضباط, وكفر الشيخ حيث قتلت سيدة برصاص "الإخوان", وبني سويف حيث سقط خمسة قتلى وأصيب 150 آخرون, والمنيا حيث سقط قتيل, وسوهاج حيث سقط قتيلان.
وفي حصيلة موقتة أوردتها مساء أمس, أعلنت وزارة الصحة عن سقوط 149 قتيلاً على الأقل ونحو 1403 جرحى في مختلف المحافظات, فيما أعلنت وزارة الداخلية عن استشهاد ثمانية من عناصرها, وإصابة ما لايقل عن 34 ضابطاً و32 فرداً ومجنداً, خلال فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة, ما يؤكد استخدام "الاخوان" السلاح في مواجهة الأمن, سيما أن الضحايا سقطوا بالرصاص الحي وطلقات الخرطوش.
وفي خطوة تهدف إلى التصدي لإرهاب "الإخوان", أصدر الرئيس الموقت عدلي منصور قراراً بـ"إعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية لمدة شهر", وكلف "القوات المسلحة معاونة هيئة الشرطة في اتخاذ كل ما يلزم لحفظ الأمن والنظام وحماية المُمتلكات العامة والخاصة وأرواح المواطنين".
وعقب إعلان الطوارئ, أصدر رئيس الحكومة حازم الببلاوي قراراً بإعلان "حظر التجوال" في نطاق 14 محافظة هي القاهرة والجيزة والاسكندرية وبني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج والبحيرة وشمال سيناء وجنوب سيناء والسويس والاسماعيلية وقنا والفيوم, و"ذلك طوال مدة إعلان حالة الطوارئ من الساعة السابعة مساء (الثامنة بتوقيت الكويت) وحتى الساعة السادسة من صباح اليوم التالي أو لحين إشعار آخر, على أن يُعاقب بالسجن كل من يُخالف تلك الأوامر".
وبعد شائعات طيلة النهار, أكد مسؤول أمني, مساء أمس, اعتقال ثمانية قياديين في جماعة "الإخوان" مطلوبين للقضاء, بينهم عصام العريان ومحمد البلتاجي وعبد الرحمن البر وأحمد عارف, إضافة إلى الداعية الإسلامي صفوت حجازي.
وقبل اعتقاله بساعات, ظهر البلتاجي على قناة "الجزيرة" الفضائية, الموالية لـ"الإخوان", ليحرض ضباط الجيش على خلع الزي العسكري والتمرد على وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي الذي اتهمه بجر مصر إلى "حرب أهلية", معلناً مقتل ابنته أسماء خلال فض اعتصام رابعة العدوية.
وفي خطوة اعتبرتها "حركة تمرد" "هروباً من المسؤولية في هذه اللحظات التاريخية", قدم نائب الرئيس محمد البرادعي, مساء أمس, استقالته إلى الرئيس منصور, مبرراً خطوته بأنه لا يمكن أن يستمر في تحمل مسؤولية قرارات لا يتفق معها, إذ انه يرى أن "هناك بدائل سلمية لفض هذا الاشتباك المجتمعي" كان يمكن اللجوء إليها.
وفي ردود الفعل, كان لافتاً انضمام الولايات المتحدة إلى خصميها المفترضين, إيران و"حماس", في الدفاع عن "الإخوان", والتغاضي عن إرهابهم.
وفي هذا السياق, دان البيت الأبيض "بقوة" لجوء قوات الأمن الى العنف ضد المتظاهرين, وعارض إعلان حالة الطوارئ, داعياً الجيش المصري إلى "ضبط النفس", والحكومة الى "احترام الحقوق العالمية لمواطنيها".
كما صدرت إدانات للعنف وإعراب عن القلق ودعوات إلى التهدئة من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا والسويد.
إقليمياً, بدت تركيا من أكثر الدول المساندة لـ"الإخوان", حيث حذر رئيسها عبد الله غول من تكرار السيناريو السوري في مصر, ودعا رئيس وزرائها "الإخواني" رجب طيب أردوغان "الأسرة الدولية وعلى رأسها مجلس الامن الدولي والجامعة العربية", إلى وقف ما وصفه بـ"المجزرة" فوراً.
بدورها, حذرت إيران, في بيان صادر عن وزارة خارجيتها, من وقوع "حرب أهلية في هذا البلد المسلم الكبير", مدينة استخدام القوة ضد "الإخوان", الذين تلقوا أيضاً مساندة من فروعهم في المنطقة, من تونس إلى الأردن ولبنان, وصولاً إلى غزة التي دانت حكومتها التابعة لـ"حماس" ما وصفته بـ"المجازر المروعة" في القاهرة و"استخدام القوة والحل الأمني وإراقة الدماء", داعية إلى التوقف عن التعرض لمن وصفتهم بـ"المعتصمين السلميين".
عربياً وحتى مساء أمس, جاءت المساندة الوحيدة ل¯"إخوان" مصر من قطر, التي استنكرت فض الاعتصامين, داعية السلطات المصرية الى الابتعاد عن "الخيار الأمني", وإلى "عدم الدفع باتجاه شق صف الشعب المصري الشقيق إذ من الصعب حساب نتائج المواجهات وإسقاطاتها مستقبلا".
(تــــحــــيـــآآآآتــــي لـلـــــجـــــمــــيـــع)